وحشة صمت القبور . بقلم أحمد القيسي

 وَحشَة صَمت ألقبور  .؟!

عِندَما يَعجز أللِسان عَن ألحديث .. وتَعجز ألجوارح عن ألتَعبير .. يَكون ألصمت هو ألمُعبر ألوحيد عَما يَشعر بهِ الإنسان .. فالصمت رسالة إثبات للوجود ..وهو شعور فريد لايتقنه ألكثيرين .! وفي بعض الأحيان يكون ألصمت خَير من ألكلام .. لحديث حبيبنا ألمصطفى صلى ألله عليه وسلم .. من كان يؤمن بالله واليوم  الآخر فليقل خيراً أو يصمت . 

فأصمت وتبقى صفحات بوجهي فارغة لاتملؤها الثرثرة ألتي في داخلي وأتشاور معها .. وتظل ألصفحات فارغة إلا من دموعي ألتي أذرفها من عين ألمعاناة تئن بلا ألم .. وتصرخ بحرقة بلا مجيب .. حين يحتاج كلامي إلى حروف أبوح بها غير ما أبوح بها كعادتي .. إلى حروف جديدة لم أمر عليها ولم أُظهرها من قبل .. من كلمات أستطيع ألوصول إليها .. فصمتِ هو حَلَ بَدل دوائي .. هو مغارتي ألتي أختبئ فيها ألتي تحجب عني ضوضاء وصخبٍ ظجر .. وحتى أسافر به حصار ألحروف وأتمرد عليها بصمت ألنطق ..حين يترائى لي من حولي كل شيئ موحش وأخرس لاينطق ننظر لبعضنا بغربة وذهول ونسأل بعضنا من أنت ؟! هل سئمنا بعضنا .؟! هل نحنُ نعيش معاُ منذ زمن ؟! أصمت لأن ألحقيقة أصبحت كخُرافة واقعة لاأستطيع ألعتق منها .. فصمتي ووحشتي تتقن كل أللغات .. وصمتي عبر كل حدود ألصمت حتى أصبح صفتي .. فعندما أبكي في داخلي وقناع الأبتسامة على وجهي هو أيظاً لحظات صمت وهو فارقي بين ألصمت وألبكاء حتى لايفتضح أمري .. فعندما أرى أن من كانو أقرب أُناس لي قد أعتاد ألبعد … فصمتي هو أبلغ رد .

فكثير منا من يغادرون أسرابهم ليبدأو أختيار أعشاشهم في مملكة جديدة هي مملكة ألصمت ليستقرأو موطنهم ألذي يرونهُ هو ملاذهم الأمن فهذه هي صفة من صفاة الطائر ألحر نجده دائماً في أعلى ألقمم حيث ألهدوء وألسكينة وحيث ألعلو وألسيادة ليرى كل شيئ من حوله بوضوح ماهو ألصحيح وماهو ألخطاء .. ومن عادات ألملاك أن تكون صفته ألجمال وألهدوء والألفة ويعانق ألجميع .. نراه في أحلامنا وَصفو نفسنا وخلوتنا ألفكرية وأمنيتنا ألتي نتمناها أن نكون بها .. مُذ كنا صغاراً كنا نتمثل بهم نرتدي الأجنحة ونرفرف بأيدينا معلنين بأننا ألملاك ألذي يطوف كل الأوقات ليربت على كتف هذا ويمسح على رأس ذاك ليطمأن على أرواح ألخلق .. فياترى أين هو ذاك الملاك فأنا لم أجدهُ إلا من إنسان حمل كل شيئ وهو بعيد عني .. لكنه يسكن داخلي وهو كل شيئ لي مثلما أنا له .. يطوف حولي كملاك ليقول لي أنا هنا بقربك كما يطوف ألملاك ليخبرهم أنه معهم .. ليست ألدنيا مأوانا الأبدي ..لكن الآخرة هي مأوانا ألحقيقي حيث ألراحة ألنفسية والطمأنينة الإلهية .. فكثير منا يستشعر في دنياه أنه لامكان له فيها لطهر نفسه ومشاعره وإيحاء من ألرب ألعلى بأن مكانه هناك حيث ألرفعة وألسمو .. فعندما يعجز لساني وفكري عن ألحديث عما يدور حولي وتعجز ألجوارح يبقى ألصمت هو ألمُعبر ألوحيد عن ما يألم بهذا ألكائن ألذي يعيشه .. وصمت ألمقابر لايعني أن ألجميع في ألجنة إلا ما زكى ألله تعالى . 

عن قصة لصاحبتها 

بقلم 

 أحمد القيسي

أضف تعليق