( الطير المهاجر ) قصة قصيرة

 

جريدة الأقلام الدولية
International pens newspaper

 

 

 

سمير لوبه – مصر

 

في داخلِه طفلٌ فقدَ بوصلتَه في شوارعِ المدينةِ المهدمةِ ، لا يملكُ خريطةً ، تاهت منه الدروبُ ، يحاولُ أن يتجاوزَ مخاوفَه ، يفتشُ في وجوهٍ شاحبةٍ عن نظرةِ عطفٍ ، يتمنى أن يسمعَ ولو كلمةً يطمئن لها وجدانُه فتمسح دموعَ الفقدِ ، لا شيء في فضائه المظلمِ سوى برودةِ الصمتِ الجاثمِ على صدرِه ، بين الرُكامِ تصفعُه الرياحِ فتتداعى حواسُه وترتعدُ أوصالُه ، يبحثُ عن يدٍ حانيةٍ فلا يجدُ إلا كفوفَ الصبارِ تدمي قلبَه الأخضرَ ، يحبو على ركبتيه يتلمسُ دربَه بكفوفه الرقيقةِ فتنغرس فيها أشواكُ واقعِه المؤلمِ ، يفترشُ الأرضَ يبكي خوفا ، ينامُ في العراءِ يحلقُ في سماءِ خيالِه يرى نفسَه في الأورسيه أو اللوڤر أو البارادو أو المتروبوليتان تمتزجُ روحُه مع ألوانِ اللوحاتِ ، يركبُ الأمواجَ العاتيةَ في الظلماتِ اللا متناهيةِ يبحثُ عن برٍ أو ربَّما وطنٍ لم تمزقه الصراعاتُ ، وعلى شاطئ البحرِ تلتقطُ عدساتُ المصورِ جثةً مُسجاةً لفظتها الأمواجُ بعد أن التهمت روحَها ، تتصدرُ صورتُه الصحفَ والمواقعَ
الآنَ وجدَ قلوبًا تشفقُ عليه وعيونًا تدمعُ لحالِه

أضف تعليق