صندقچة . مها حيدر/ العراق

مجلة أوراق المهجر الدولية

International Diaspora Papers  magazine

صندقچة

مها حيدر 

صعدنا في ( الربل) ، عربة خشبية جميلة يجرها الحصان ، مكشوفة من الأعلى لنرى السماء وشمسها بأبها صورة تسعدنا بجمال منظرها ونسيم هوائها ، ذاهبين الى جدتي شوقًا لرؤيتها .

دخلنا الى بيتها ، جمال في كل شيء.. القهوة جاهزة في الدلة ، ورائحة ( الدولمة) تعم المكان ، المفروشات جميلة وألوانها زاهية تملأ المكان بهجة وسرورا .

  • مرحبًا ( بيبي ) .. كيف حالك ؟
  • أهلا وسهلًا حبيبتي الجميلة ، انا بخير ، (نورتوا) البيت . 

أجتمعت العائلة في الحديقة قرب شجرة ( النارنج ) والسعادة لاتفارقهم ، أما أنا وبقية الأطفال فقد بدأنا اكتشاف البيت ومحتوياته باختصار ( مغامرة) .

وجدنا دمية جدتي القديمة فذهبنا بها إليها ..

  • انظري ماذا وجدنا !
  • ياااا… إنها دميتي ، كنت ألعب بها وأنا صغيرة ، جلبتها لي أمي  من سوق ( رأس الحواش) في الأعظمية ، هدية عيد ميلادي ، كان حبي لها لا يوصف .

  • كنت شابة بعمر الورود .. مازحها أبي مع قبلة على جبينها .

  • -ما زلت شابة بعمر الخامسة عشر ، ها.ها.ها.

    تعالت أصوات الضحكات البريئة ، وشعرنا بالمحبة  والحنان الذي غمر المكان بالدفء والأمان .

    واصلنا التجول والبحث في باقي الغرف ، دخلنا غرفة جدتي القديمة ، رأينا في الزاوية صندوقًا خشبيًا له باب يفتح للأعلى مطرز بأحجار فيروزية مع نقوش و مسامير ذهبية غاية في الروعة .

    حاولنا فتحه ، لكنه مقفل بقفل كبير لا يشبه ما نراه اليوم .

    جاءت الجدة مسرعة :

    • يا إلهي .. لا.لا.لا تقتربوا من (الصندقچة ) .. هل فتحتموها ؟!
  • لقد أفزعتنا يا (بيبي) وما هذا الاسم الغريب ؟!

  • ماذا ؟! إنها خصوصياتي ، لا أسمح لأحد بالعبث بها ، هذا الصندوق هو هدية عرسي وكنا نسميه أيام زمان ( الصندقچة ) ، رجاءً لا تخالفوا هذا ، ولا تقتربوا منه .

  • ماذا يوجد بداخله يا ( جدتنا الحبيبة ) ؟ 

  • أشياء تخص المرأة ، ملابسها ، أحمر الشفاه ، المشط ، الأكسسوارات وغيرها .

  • أنا أريد واحدة إذًا .

  • ضحكت أمي وقالت :

    • ها.ها.ها . عندما تكبرين قليلًا .

    وضعت يداي على خصري …

    -أنا أيضًا لدي خصوصيات ، مثل حلوياتي التي أراها ناقصة باستمرار ، فستاني الأحمر ، حذائي المدرسي ، ألعابي التي تضيع دائمًا ، ألم تقولي إني أشبه جدتي …

    سمعت أصوات ضحك عائلتي… فضحكت معهم .

    أضف تعليق