الدلالات الشعورية العميقة في نص الشاعرة وجدان وحيد شلال ( زمن الجنة) .

جريدة الأقلام الدولية
International pens newspaper

عبد الحسين الشيخ علي


في زمن نعيش فيه صراع ما بين القيمة الانسانية الحقيقية وما بين الابتذال يصمد ثلة من المثقفين امام هذا السيل الجارف الذي هدفه هونزع هوية الفرد الاخلاقية ومن ثم المجتمع وهذه الثلة هم الادباء بكل اتجاهاتهم الادبية والذين ما زالوا يواجهون بكل ما لديهم من حرف هذا السيل من خلال نشرهم للثقافة والادب من خلال نصوصهم المختلفة . ربما يظن البعض ان تلك المقدمة هي مقدمة لمقالة سياسية او ما شابه ذلك لكني اردت بها التعميم من خلال قراءة نص ( زمن الجنة ) للشاعرة المتألقة ( وجدان وحيد شلال ) لانني اردت من خلاله ابراز ثقافة جيل ما قبل 2003 الملتزمين بثقافة الادب والذين ظُلموا في عقود سالفة ومن خلال قراءة النص سنعيش في جزء بسيط من حياة الكاتبة.
من بداية النص تبدا بجملة شعرية مجازية استعارية حيث شبّهت الذكريات بالطريق لانها ايقضت الحنين لديها لايامٍ قد خلت ( يسبحُ الطريقُ بدميّ ) فالطريق المشبه والذكريات المشّبه به والدم بمثابة الناقل لتلك الذكريات الى مركز الذكريات حيث تثير الاعصاب الشعورية لتتحول الى ردت فعل نفسية تمثلت بالحنين , اما كلمة ( يسبحُ ) فعل مضارع يدل على الاستمرارية بتوالي الذكريات بشكل هاديء غير عنيف وهو اسلوب شفيف عبّرت به الشاعرة . لكن هنالك تساؤل وهو مالربط بين العنوان والنص ؟ نجد الاجابة في الجملة الشعرية الاتية (فتبنيّ بين الضلوع خريف ) فكلمة ” الخريف ” يقابلها ” زمن الجنة ” فالجنة تدل على الربيع والاخضرار وهو زمن ولى ليحل محله زمن الخريف حين ذهبت تلك الايام الجميلة التي عاشتها وحل الخريف الذي تتساقط فيه الاوراق وتتجرد الاشجار من خضرتها , هكذا شبهت الكاتبة زمنين مختلفين عاشتهما ولم تبقى الا الذكريات تثير في قلبها عاصفة من الحنين الى صوت تحبه وتشتاق اليه واطلقت عليه ( زمن الجنة ) لتستمر بعد ذلك بوصف الشعور بين الزمنين المتضادين حيث تصف شعورها بصورة شعرية جميلة لكنها مؤلمة في حالة من الترقب والانتظار لعل ومضة حقيقة واقعية من تلك الذكريات تعود لكن الخريف نشب اظفاره في ربيع اشياءها ولم تبقى الا الذكريات والحنين المقطع الاتي ,
حين تصمت الريح والحقول
نكاية بالحبّ
تلغيّ زمناً وعطراً
وتغادر
غابةُ القمح ِ
لتستحمَ على جفونها
متاهات ألانتظار
وتختنُق أنفاس الجديلة
خاتمة // النص من الناحية الادبية فيه صور معبرة منحته افق ذو دلالات شعورية عميقة وفيه من الانزياحات اللغوية التي تعطي متعة القراءة والتفاعل والسياحة الافقية في التأمل بأحداث ممتعة مثال على ذلك / يسبحُ الطريق بدمي / تبني بين الضلوع الخريف / حفنة من بقايا صوته / ضفاف الروح / صفعت الريح وجه الماء / وغيرها . وبما ان تلك الاحداث تمر في حياة كل فرد اوجزتها الشاعرة بنصها لانه يعبر عن شعور عام لدى كل البشر وازمان يمرون بها في حياتهم .
زمن الجنة
يسبحُ الطريقُ بدميّ
ليوقظ الحنين النوارس
فتبنيّ بين الضلوع خريف
وحفنة من بقايا صوته
على ضفاف الروح
تطوف
ويمضي مثلما جاء
زمن الجنة
في الشّمس تائه
خلف رداء الحياة
حين تصمت الريح والحقول
نكاية بالحبّ
تلغيّ زمناً وعطراً
وتغادر
غابةُ القمح ِ
لتستحمَ على جفونها
متاهات ألانتظار
وتختنُق أنفاس الجديلة
حين فرّ سّرب الطيور
بأسرارها
صفعتْ الريح وجه الماء
حينها زَرعتْ
على مرايا قلبها
براعمُ فجر
وجفنك
وظّل العبير .

جريدة الأقلام الدولية
International pens newspaper

أضف تعليق