حكمة الاطفال .

جريدة الأقلام الدولية
International pens newspaper


قصة قصيرة للكاتب الروسى / ليو تولستوي ( ١٨٢٨ – ١٩١٠ ).
ترجمها للانجليزية. / لويز ماودى .


ترجمها للعربية . / عونى سيف – مصر

صباح يوم العيد فى اقتراب انتهاء الجليد . بعض الجليد مازال فى الأرض و المياه تنساب فى جداول صغيرة إلى أسفل طريق القرية. فتاتان صغيرتان من عائلتين مختلفتين تقابلا امام المساكن حيث بركة صغيرة تجمعت من المياه التى مرت بالاراضى الزراعية. فتاة صغيرة جداً ، و الأخرى اكبر منها إلى حد ما. امهاتهما البستهما فستانان جديدان. الفتاة الصغيرة ارتدت فستان ازرق ، والأخرى ارتدت فستان أصفر. الاثنتان يربطا رؤوسهما بمنديلان حمروان . تقابلا الفتاتان لحظة خروجهما من الكنيسة ، تبادلا النظرات على أناقة الفساتين ثم بدأ اللعب معا. أخذتا تلهوا بالماء عند البركة الصغيرة. الفتاة الصغيرة غاصت بقدميها فى الماء حتى غطى الحذاء ، و الأخرى حذرتها قائلة :

  • لا تدخلى أكثر يا ” ملاشا ” ، أمك سوف توبخك. اخلعى الحذاء و الجوارب أولا ، انا سوف افعل ذلك.
    فعلا ذلك ثم رفعا اهداب الفساتين و مشيا فى اتجاه بعضهما إلى داخل البركة. عندما دخلت ملاشا فى المياه قالت :
  • اكوليا ، انا خائفة ، ربما تكون عميقة. قالت اكوليا :
  • تعالى لا تخافى ، أنها ليست عميقة .
    اقتربا من بعضهما و قالت اكوليا :
  • امشى ببطء يا ملاشا ، لا ترشرشى الماء .
    فى الوقت الذى قالت فيه ذلك ، ضربت ملاشا بقدماها ، فترشرش الماء و الطين على فستان اكوليا و على عيناها و أنفها.
    عندما رأت اكوليا بعض الطين على فستانها غضبت و جرت وراء ملاشا لكى تضربها. خافت ملاشا و أدركت أنها فى ورطة . خرجت مسرعة من البركة و تاهبت للجرى لكى تعود إلى البيت.
    بمرور أم اكوليا بالصدفة ، رأت فستان ابنتها متسخ بالطين حتى الأكمام ، فقالت لها :
  • انتى شقية ، ماذا فعلتى ؟ ردت الفتاة :
  • ملاشا ، فعلت هذا عن قصد .
    مسكت أم اكوليا ” ملاشا ” وضربتها خلف رقبتها. اخذت ملاشا فى العواء حتى سمع الشارع كله صراخها ، أتت امها و قالت :
  • لماذا تضربين ابنتى ؟
    و بدأت توبخ جارتها. كلمة تلت أخرى و بدأ الشجار . تجمع الرجال و ازدحم الشارع. الكل يصرخ ، لا أحد يسمع. الجميع يتشاجروا. كل رجل يدفع الآخر.
    جاءت جدة اكوليا ، حاولت التهدئة قائلة :
  • كيف تفكرون يا اهل ؟ ليس من العقل هذا التصرف فى يوم مثل هذا. أنه وقت الابتهاج ليست وقت هذا الغباء . لم يستمعوا إلى كلام السيدة العجوز ، بل داسوا على قدميها. لم تستطع أن تخرج من الزحام ، لكن اكوليا و ملاشا خرجا. بينما النساء يتدافعن اكوليا كانت قد مسحت الطين من على الفستان و رجعت نحو البركة . التقطت حجر مدبب و بدأت تحفر ممر للمياه لكى تتسرب إلى الشارع. انضمت لها ملاشا فى نفس الوقت و اخذت قطعة خشب لكى تحفر فى الممر. بمجرد بدأوا الرجال فى العراك ، تسرب الماء من خلال القناة إلى الشارع فى اتجاه الناس و السيدة العجوز. الفتاتان تجريان بجانبى الجدول الذى صنعوه .
    • امسكى يا ملاشا ، أجرى يا ملاشا.
      ملاشا لا تستطيع الكلام من كثرة الضحك. سعداء جداً وهما يراقبا غصن صغير عائم فى قناتهما. جريا فى اتجاه الرجال.
      قالت السيدة العجوز :
  • اخجلوا من أنفسكم ، أتتشاجرون من أجل الفتيات و هن نسوا ما قد حدث ؟ ويلعبا معاً بسعادة. احبائى الصغار أكثر منكم حكمة .
    نظر الرجال إلى الفتيات ، شعروا بالخجل ، سخروا من أنفسهم وكل واحد ذهب إلى بيته. إذا لم تعودوا و تصيروا مثل الاطفال الصغار لن تدخلوا ملكوت السموات.

أضف تعليق