المقاصد الضائعة..في الأغلاط الشائعة ..

جريدة الأقلام الدولية
International pens newspaper

المقاصد الضائعة..في الأغلاط الشائعة ..

” تَعَلَّموا العربيَّة َ، وعَلِّموها الناسَ ” ـ حديث شريف

إعداد: محمد الجاسم

تزخرُ لغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محرَّفةٍ ،وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها،قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ،ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين، إلا لذوي التخصص،فأمست المقاصد ضائعة في خضم الأغلاط الشائعة..
لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك ـ ثلاثين حلقة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة،استكمالاً لعمودي اللغوي، الذي واظبت على تحريره مدة من الزمن في صحيفة (المصور العربي) الأسبوعية التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسط ونهاية التسعينات من القرن العشرين ،تحت عنوان (إضاءةٌ في التراث).
رمضان 1444 هج

(92)
عاجلًا..أو..آجلًا
لم أسمعْ من أحدٍ القولَ هكذا :” عاجلًا..أو.. آجلًا “، بل شاع بين القائلين :” عاجلًا..أم..عاجلًا “،وهذا غير جائز لغةً، بسبب أن (أو) تأتي:
للتخيير، مثل: سأسافرُ غدًا أو بعدَ غدٍ.
للشك ، مثل: كتبتُ عشرين قصيدة أو ثلاثين قصيدة في شهر واحد، وقال تعالى: ” قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” سبأ ـ 24.
للإبهام، مثل: أُسافرُ الى بغدادَ يومَ السبت أو يومَ الثلاثاء.
للتقسيم، مثل: الكلمةُ، اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ.
للإباحة، كقوله تعالى:” وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَو بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أو بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ” النورـ 61.
للإضراب، كقول جرير:
” كانوا ثمانينَ أو زادوا ثمانيةً .. لولا رجاؤكَ قد قتَّلْتُ أولادي “.
هذه الاستخدامات جميعها تعزز رأينا في أن الصواب القول: عاجلًا..أو..آجلًا
أما ( أم )، فلا تأتي إلا :
لطلب التخيير المرتبط بالسؤال، كقوله تعالى : ” أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ” الواقعة ـ 59.
للتسوية المرتبطة بالسؤال،على أن تقع بعد (سواء) كقوله تعالى :” وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ” ياسين ـ 10.
وكقول محمد مهدي الجواهري في رثاء أخيه جعفر:
أتعلمُ أمْ أنتَ لاتعلمُ … بأنَّ جراحَ الضحايا فمُ

وَرُبَّ قَوْل.. أَنْفَذُ مِنْ صَوْل ..

محمد الجاسم

أضف تعليق