
International pens newspaper
لميعة .. المدلٌلة
علي حداد
آه.. ممن يصنع الجحيم للآخرين
وطوبى لمن يصنع النعيم للباقين من عباد الله
الى :عفيفة إسكندر وعباس جميل وسعاد عبد الله وكاتب الأغاني بقلم الرصاص الذي كان يضعه فوق اذنه وكأنه مستعد للنزال في ميدان العشق والهوى.الرائع جبوري النجار
كانوا ثلاثة أخوة، ولدان وبنت عمياء حاولوا جميعاً تزويجها وكذلك فعل قبلهم الأب والأم دون جدوى.. بقيت لميعة عانساً، لكنها المدللة فقد كانت لها (صانعة) تغسل لها وتنشف جسدها وتقلم أظافرها وتعتني بتغيير ثيابها.. وقد سجل والدها قبل موته الكثير من الأملاك باسمها..
استشهد شقيقها الكبير في لبنان واستشهد الثاني في القادسية الثانية، وذات يوم تقدم لها نعيم رجل بسيط وشفاف كان الوحيد الذي يقرأ الكتب ويشتري الجرائد ولديه مسجل يضع فيه شرائط لأغاني القبانجي، والسيدة أم كلثوم، كان طويل القامة يمشط شعره ويضع عليه الدهون ..ويحلق لحيته ويستخدم كلونيا الريفدور ويصبغ حذاءه لدى كاكة توفيق من افضل صباغي الأحذية في الشرق الأوسط … كنا نطلق عليه نحن الصبية.. المثقف ..فتزوجها ذات خميس، كان لديه محل يبيع فيه الزجاج ويعمل الإطارات للصور.. وفجأة اختفى نعيم المثقف من الوجود، واختفت معه كل أملاك لميعة (العمية) فأسكنها أهل المحلة في غرفة صغيرة لها ولصانعتها وراحت تبيع هي و(صانعتها) في صندوق صغير أمام باب البيت القريب من مدرسة ابن الجوزي ، البسكوت، والنستلة، و(الجكليت والمصقول) وفي الصيف كانت تبيع الآيس كريم.. و(الدوندرمة)
وحين رأيتها صدفة في سوق الشورجة مع (صانعتها)ومعهم هميان الحمال بعربته الخشبية التي كانت تقرقع بأصوات غريبة…
عرفتني من صوتي فسألتها عن صحتها وعن احتياجاتها اجابتني بحياء وقد تورد خداها:
- أشكرك عيني علاوي.. الحمد لله.. ألف الحمد لله والشكر. .ألف الحمد لله والشكر…
فارقت المدللة بعباءتها المتربة والعرق الطافح من وجهها وهميان الحمال وعربته التي كانت تقرقع ….بينما كانت لميعة العمية تقبل يدها اليمنى وتضعها على جبينها …وهي تردد - الف الحمد لله والشكر
كنت انظر اليها
حابساً دموعي التي انهمرت في أقاصي الروح.
أضف تعليق