بصراحة .. فكر صهيونى قديم .. جديد

سمير المسلماني

في خمسينات القرن العشرين ، كان جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي هو أول من اقترح فكرة نقل سكان غزة إلى سيناء ، الإقتراح او الفكرة لم تبدأ من إسرائيل بل من أمريكا وأصبح مشروع صهيوني ولا عجب في ذلك فكل ما تظنونه أفكار صهيونية هو في واقع الأمر أفكار الغرب الإستعماري الذي لقنها لإسرائيل لتصبح مشروع صهيوني.
وقتها كان قطاع غزة بعد حرب فلسطين 1948 واقع تحت الحكم المصري وبالتالي فكرة النقل كانت اسهل باعتبارها نقل من محافظة مصرية إلى محافظة مصرية ، جون فوستر دالاس تولي منصبه في 26 يناير 1953 وبدأ بعدها بعدة أيام فحسب في إطلاق مشروعه بتهجير سكان غزة إلى سيناء.
حكومة إسرائيل تحمست للمشروع وقرروا بدء العمليات الإرهابية بحق سكان غزة من أجل إجبارهم للنزوح إلى سيناء ، كانت أبرزها غارة على مخيم البريج بمحافظة دير البلح التي نفذتها القوات الإسرائيلية في 28 أغسطس عام 1953 راح ضحيتها 26 شهيد
واستمرت العمليات الإسرائيلية على غزة وسط غضب الفلسطينيين والمصريين ، ومن هنا ظهرت أجندة إسرائيلية بدفع الجيش المصري إلى عمل عسكري يوتر العلاقات المصرية الأمريكية وهى نفس فلسفة عملية لافون عندما دبرت اسرائيل انفجارات داخل مصر بحق مصالح أمريكية وحاولت نسبها إلى النظام المصري من أجل ضرب العلاقات المصرية الأمريكية حيث كانت واشنطن في هذاالوقت على إتصال هادئ وكشف نوايا مشتركة مع الضباط الأحرار الذين تسلموا حكم مصر بعد ثورة يوليو 1952.
كانت الغارة الإسرائيلية التي نُفذت في يوم 28 فبراير عام 1955 الشرارة التي فجرت انتفاضة مارس في قطاع غزة حيث اجتازت القوات الإسرائيلية خط الهدنة ونسفت محطة المياه وزرعت الألغام وهاجمت مواقع الجيش المصري مما أسفر عن وقوع 39 شهيداً و33 جريحا في صفوف الجيش المصري على يد العملية الإسرائيلية التي قادها وقتذاك ارييل شارون.
قاد الإنتفاضة الحزب الشيوعي الفلسطيني الذى كان له الشعبية
في غزة وقتها بقيادة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو الأمين العام للحزب الشيوعي.
الشيوعيين حرضوا الغزاويين على الإدارة المصرية لغزة وكانت المظاهرات تهتف ضد عملاء الأمريكان قاصدين الجيش المصري والإدارة المصرية رغم سقوط شهداء ومصابين من الجيش المصري في غارة ارييل شارون ، وتم حرق سيارات المسؤولين العسكريين المصريين في قطاع غزة.
هكذا قامت إسرائيل بتحريض الغزاويين على مصر في انتفاضة مارس 1955 .. رغم ان الرئيس جمال عبد الناصر قام بتسليح المخيمات الفلسطينية في غزة وتدريبهم بإشراف قائد المخابرات الحربية المصرية المقدم مصطفى حافظ الذي شكل الكتيبة 141 المتكونة من وحدات فدائية فلسطينية ألحقت بقوات الجيش الإسرائيلي خسارات فادحة ، واستمرت تلك العمليات حتى اغتالت المخابرات الإسرائيلية المقدم مصطفى حافظ في 12 يوليو 1956 الذي اُعتبر الأب الروحي للفدائيين في تلك الفترة وأحد أهم القيادات العسكرية العربية التي واجهت الجيش الإسرائيلي وألحقت به الخسائر.
وما زال شارع «مصطفى حافظ» في قطاع غزة حتى الآن شاهداً على اعتزاز ، وتقدير الشعب الفلسطيني، وبخاصة أهالي قطاع غزة للبطل المصري ، أبو المقاومة الفلسطينية.
التواطؤ الأمريكي في انتفاضة مارس 1955 الفلسطينية والتعامل الأمريكي الضعيف مع إسرائيل جعل الرئيس جمال عبد الناصر لأول مرة يفتح خط اتصال مع الكتلة الشرقة والإتحاد السوفيتي والصين ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا ومن هنا بدأت علاقات عبد الناصر التاريخية مع موسكو حيث عقدت صفقة الأسلحة السوفيتية إلى مصر في 27 سبتمبر 1955 وظهر السلاح السوفيتي للمرة الأولي في تاريخ مسرح عمليات الشرق الأوسط.
لم ينجو معين بسيسو الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني بفعلته التحريضية على مصر ، حيث تم القاء القبض عليه وسجن في السجون المصرية ما بين عامي 1955 و1957، وافرج عنه عقب انتهاء العدوان الثلاثي على أمل ان يفتح صفحة جديدة في علاقاته مع مصر خاصة أنه حمل الجنسية المصرية حتى وفاته ولكن الشاعر الشيوعي استمر في نفاقه الذى – للأسف – ظل
حتى اليوم يلقى ترحاب في الأوساط الصحفية والأدبية والثقافية المصرية ، ما جعل الدولة المصرية تلقى القبض عليه مرة ثانية ما بين عامي 1959 و1963 وبعد ذلك غادر إلى لبنان ولاحقاً إلى بريطانيا حيث توفى في يناير 1984.
اللعبة كما هي من سنة 1953 .. محاولة التهجير والتوطين والوطن البديل وغزة هى سيناء.

أضف تعليق