
فلسطين ..
قضية الأحرار والثوار ..
سامي التميمي
الأيمان بالوطن والتضحية من
أجله ، ليست عملية سهلة ، كما يتصورها البعض ، وليست سطور أنشائية في أوراقنا البالية وليس بمقدور الجميع أن يتفهم ماهو الوطن ؟ وكيفية خدمته ورفعته والدفاع عنه والتضحية من أجله ، فهناك الكثير ممن يقدم مصالحة على مصلحة الوطن ، وهناك الكثير ممن يأخذ من الوطن كل شئ ، ولكنه ليس له الأستعداد في منح الوطن لحظة واحدة في مخيلته و حساباته ، أو يفكر بخدمته والتطوع بأي عمل من أجله ، وهو بعيد كل البعد عن تلك المفاهيم ويعتبرها مجرد أوهام أو تعبير مجازي .
في أيام دراستي الجامعية وفي طريقي اليومي المعتاد ، كنت أشاهد رجل كبير في السن ينظف الأشجار ويرعاها في ( المساحة المخصصة لزراعة الأشجار بين الشارعين ) ، في بادئ الأمر تصورت أنه عامل في بلدية تلك المدينة ، ولكن فهمت من بعض الأشخاص بأنه متطوع بتلك الخدمة ، وكان ذلك الشارع ، يزهو من جراء أهتمام ذلك الرجل ، وكنت فرحاً وفخور بأن هناك من يؤمن بالوطن وخدمته ، دفعني الفضول ذات يوم فسألته ؟ ياعم هل تحصل على أجور من الدولة أو بعض الناس ؟ وهل تتذمر من تلك الخدمة أو تتقاعس عنها . قال لي : ( هذا الوطن عزيز وغالي ، مهما قدمنا له نحن مقصرين ) .
ودعته بخجل وبهدوء وأنا شارد الذهن ، وأنا أفكر كم كبير وكريم هذا الرجل بأخلاقة ووطنيته وكم من العبر والصور والحكم والدروس التي سيزرعها هذا الرجل في كل من سيشاهده .
نعم هناك أشخاص صالحين بهيئة الأنبياء والرسل ، يمرّون في طريقنا ، في حياتنا نتعلم منهم مالم تعلمنا الحياة أو البيت أو المدرسة أو الجامعة أبطال خارقين ومضحين ، نذروا أنفسهم ، ليس فقط من أجل قضايا بيته أو عمله أو وطنه ، بل من أجل الأنسانية ، وقضايا التحرر في الوطن العربي والأمة الأسلامية والعالم أجمع ، أيماناً منه بأن محاربة الظلم والعبودية والأستغلال والأفكار المنحرفة ، ليست مقتصرة في مكان وزمان محدد ، بل يجب أن تتخطى الحدود .
قبل أيام وبالضبط بتاريخ 6/ 1/ 2024 . ودعنا بطلاً مناظلاً عراقياً شهماً من أهالي مدينة النجف ( مدينة الأمام علي ع ) مدينة العلم والعلماء ، مدينة الثورة على الطغاة ، والذي وافته المنية في بلاد الغربة ( ألمانيا ) .
نعته وكتبت عنه بحزن وفخر الحركة الشعبية لتحرير فلسطين الشعبية والكثير من المنظمات التحررية العرببة .
هذا الثائر والمناضل المغوار ( حسين هادي علي العطار ) وكان يدعى ويلقب بأسمه ( الحركي والسري) ( ثائر علي ) مواليد مدينة النجف – العراق ( 1951 ) .
أنتمى الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 1970 ، حاله كحال بقية المناضلين من العراق والدول العربية ، بصورة سرية ، لأيمانه بالنضال والتضحية من أجل الأرض
العربية الطاهرة المغتصبة ( فلسطين ) .
تميز وتمتع هذا المناضل البطل ، بمسيرة زاخرة من العطاء والنضال والوفاء لقضية فلسطين ، وقام بمهام خاصة ومعقدة وسرية ، تليق بالمقاتلين الأحرار الثوار والذين يتمتعون بالمهارة والشجاعة والشراسة والدهاء .
للأسف لم نستطع الحصول على الكثير من المعلومات والعمليات التي نفذها ( للسرية والكتمان ) .
المهم هذا البطل لم يكن يعمل لوحده ، بل ضمن خلية مدربة تدريباً جيداً ومعدة أعداداً عسكرياً وأمنياً .
بعد جمع المعلومات عنه ، تمت مراقبته ومتابعته بطرق حثيثة ومضنيه في عام 1973، في روما من قبل أجهزة الأستخبارات الأسرائيلية بالتعاون مع أجهزة الأستخبارات الغربية ، وألقوا القبض عليه في عام 1975 في كينيا ، بتهمة أستهداف طائرة عسكرية صهيونية ، وسلم الى سلطات الأحتلال وحكم عليه ( 145 ) سنة ، قضى منها 10 سنوات في سجون الأحتلال الصهيوني ، وأطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى ( 1985) .
لم يستسلم أو يتقاعس ولم يهدأ له بال وأستمر بالعمل والنظال لخدمة القضية الفلسطينية حتى بعد هجرته الى ألمانيا 1991 .
لكن المرض أستطاع أن ينال منه ويجعله طريح الفراش والمستشفيات ، وبقى الأمل يراوده بعدالة قضية فلسطين وأنها راجعة لامحال .
أضف تعليق