أرواح صغيرة ، تحتضر بصمت .

نهلة الدراجي

أرواح صغيرة ، تحتضر بصمت .

نهلة الدراجي

أيتام لم يختاروا قدرهم، بل اختارتهم الظروف القاسية التي لا تعرف للشفقة طريقاً .. في زمن لا رحمة فيه…!
بلا مأوى ولا طعام، يتوهون في وطن من أغنى بلدان العالم، وما ذنبهم سوى إنهم ولدوا في بلد الخيرات و الثروات و التناقضات والتفرقة والظلم، ولكن ليس لهم نصيب من تلك النعم. يقفز قلبي بين خفقات الأسى والحزن، حين أشاهدهم يستقلون قطار الحياة من دون تذاكر، يجوبون الشوارع بأقدام متعبة وأنفاس مجروحة.
أيتام صغار منسيون، بلا أمهات وبلا آباء يحمونهم من قسوة الحياة..
أرواح بائسة وتائهة تتجول في عتمة الشوارع في هذا الوطن الغني، مكسورة الأجنحة والأحلام يعانون الفقر والجوع، منسيون ومهمشون يعيشون في ظلام لا نهاية له، هم ضحايا الظلم، وجرائم النسيان والتجاهل …!
أرواح صغيرة تحتضر بصمت…
تلك الأرواح البريئة التي تختبئ في أزقة المدن جروحهم تزداد عمقًا في صمت الليالي السوداء…
يسجنون أمانيهم في قفص اليأس المظلم..
ويتوسلون الرحمة بأعينهم البريئة الباكية….
يحتضنون الجوع، كأن ذلك هو القدر المحتوم..
في وطن يعجز عن إدراك ما يعانونه..
وفي وطنٍ من أغنى البلدان، يتوهون بلا رحمة،
ينامون على أرصفة الطرقات يعانون من لوعة الجوع والتشرد، يبحثون عن لقمةِ عيشٍ وقليلٍ من الدفء في ليالي البرد القارس كأوراق هائمة بين رياح الحياة، بينما يتماهى الثراء والفقر بأزمان الحرمان…
كم هم جميلون وحزينون ..!
كم هم بريئون ومرهقون ..!
هل من مخلصٍ يستجيب لصرخاتهم الصامتة …؟
أم هم محكومون بالنسيان والإهمال إلى الأبد …؟
تجاهل الكثيرون هذا المشهد المؤلم، جفت عطايا التعاطف في قلوبهم وانطفأت نيران الرحمة في أرواحهم…
غافلين العويل الصامت الذي يعصف بأرواح هؤلاء الأطفال الأبرياء ..
فيا رحماء القلوب، المسوا أسى هؤلاء اليتامى
دعونا لحظة لنتوقف، ونجعل قلوبنا تشعر بألمهم وجوعهم ..
ونتذكر دائمًا أن الإنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية والقوانين الاقتصادية..
فلربما في بسمة صادقة، وفي حنان يعانق قلوبهم الجريحة تتلاشى أحزانهم، لنمسح دموعهم الحزينة ولنكن سنداً لهم ولنعيد لهم طفولتهم المسروقة، ونشعل الأمل ونمنحهم حقهم في الحياة.. بقلم نهله الدراجي

أضف تعليق