
موقد الجمر.. وأنين السنين
زهير جبر
في دهاليز زقاقنا القديم
ثمة شجرة بائسة
نصفها متخشب ونصفها الآخر يتنفس الحياة.
وبعضه مصّفر
قربها بيتٌ مقفل تصدعت جدرانه
وأصبح يشكو فقد أهله
فأبوابه الحديديه قد أخذ منها الصدأ مأخذا
وهي تئن مثل حمامة لايسمعها
سوى قلب منهك حطّمه الغياب
وفي الطرف الآخر من الحي مخبز
مجرد أسم تمايلت لوحته التعريفية
ليس هناك طوابير كما في السابق
سوى صدى يرن من تنوره المتصدع
يخترق مسمعي..بصمت
كأن الخوف يلف المدينة
فلا أصوات لضجيج الأسواق ولاحركة أخرى
مَر بقربي رجل كهل يتعكز على أيامه الأخيرة
قال لي..يابني ماذا تفعل هنا..؟
فنحن في بلد دون حياة
فقد سرق اللصوص كل شيء
لم يبقوا لنا سوى جدران خاوية
فالجميع في رحيل بين دائم وسفر أبدي
حتى عصافير تلك الشجرة البائسة
ماعادت هنا..
نظرت في ساعتي
كانت متوقفة..أتنفس بصعوبة
خارت قواي…تصببت عرقا
علمت أني ربما على سفر أبدي
أين ذلك الرجل العجوز..
لم أعد أرى شيء..سوى غمَامة بيضاء تلفني
تأخذني بعيدا نحو مدينة تعج بالحياة
البشر فيها يخترقون الجدران ،لاتفصلهم حواجز ،يتنقلون بسهولة ،أجسامهم من نور ..
أيقنت إني في عالم آخر لايشبه عالمنا القديم
حتى أنتبهت وقد أحرقت حرارة الشمس اللاهبة
أفكاري في موقدٍ من جمرٍ
بينما يموت جسدي مثل تلك الشجرة
تدريجياً دون أنين.
أضف تعليق