
موسم الهجره من بغداد
Muhaimin Jawadمهيمن جواد
Christina Standall كرستينا ستاندال
قراءة وتحليل : محمد الضمداوي Mohammed Al-Damdawi
الهجره في المقاييس الانسانيه تأتي بالمرتبه الثانيه بعد الموت فهي فقدا للاحبه وفقدا للوطن واقتلاعا من الجذور ليغرس الانسان في بيئه اخرى مختلفه تماما عن بيئته السابقه الا ان الحبل السري يبقى موصولا بالوطن الام فان هجرنا وطننا لم يهجرنا وسيبقى مسكونا فينا.
هذا ما شعرت به وانا اقرأ رواية موسم الهجره من بغداد للكاتب العراقي مهيمن جواد الذي استطاع ان يمنحنا فرصة مشاركته تلك التجربه المريره بكل تفاصيلها فكنت معه وهو يحاول الاختباء من اعين (الجندرمه) التركيه التي اساءت كثيرا للمهاجرين عند القبض عليهم ولقد وصلتني جرعات الخوف التي كان يعيشها الكاتب في تلك اللحظات واحسست بالادرينالين يتدفق في دمي وانا اشاركهم تجربة اجتياز الغابات التركيه والوصول الى الزورق المتهالك الذي سينقلهم بحرا الى احد الجزر اليونانيه كنت اتحسس صدري وكأني البس سترة الانقاذ عندما نقلني الكاتب الى الزورق واحسست بطعم ماء البحر المالح وهو يصفع وجهي وكم عشت هذا الشعور وانت ترمي نفسك الى امواج البحر وانت لاتعرف السباحه لتوثق مدى المعاناة والبؤس الذي عاشه الكاتب وامله بالحصول على حياة افضل حتى لو خاطر بحياته الا انه وفي ظل هذه الظروف كان متيقنا بان هناك عينا لاتنام تحرسه وقد وكل كل امره اليه وان الله سيوفر له سبلا لم يكن يعرفها ليصل الى شاطيء الامان.
كما شاركت الكاتبه كرستينا ستاندل التي عانت من فقد مبكر لحبيبها في ايرلندا وهو يقارع الاحتلال البريطاني لتتقاسم مع الكاتب هموم الفقد وتجعلهما رفيقا الفقد (اجارتناانا غريبان هاهنا وكل غريب للغريب نسيب).
كما انها تعترف بان الانسان عدو ما يجهل فهي لن تعرف عن المهاجرين سوى ماينقله الاعلام المسموم بانهم ارهابيين وانهم قتله وغير متحضرين وان دينهم هو الارهاب لكنها بعد ان تعرفت عليهم ادركت عكس الامر وكم انهم ناس طيبيين ومثقفين ومظلومين ويبحثون عن مكانا للعيش بسلام وهي تدعو للانفتاح على المهاجرين والتعرف على مكنونانهم الثقافيه والحضاريه..
تحليل الروايه.
١.الروايه كتبت بلغه شعريه جميله وسلسه وهي من المدرسه الواقعيه….وكانت موهبة الكاتب الشعريه تطغى بين الحين والاخر ليزيد النص جمالا و صدقا و روعه ويكسر الرتابه ليجذبك الى صور شعريه ضمن التصاعد الدرامي للروايه ليمنح القاريء متعه اضافيه.
٢.البعد الجغرافي.
تنقلك الروايه بين مناطق جغرافيه مختلفه من المعموره يسترسل الكاتب فيها بوصف تلك الاماكن ويفكك بعض اسرارها ليضيف للقاريء معلومات اخرى عن تلك المناطق ويترك له فسحه من الخيال كي يتصورها .
٣.البعد التاريخي .
يتطرق الكاتب وضمن سرد سلس وجميل لمراحل تاريخيه من تاريخ العراق فمن الحروب الى الحصار الى الاحتلال الى الحرب الطائفيه وهو توثيق مهم لمراحل تاريخيه مهمه من تاريخ العراق ادت الى زيادة الهجره من العراق.
ان التجربه التي مر بها الكاتب هي تجربه مر بها الكثير ممن تركوا اوطانهم باحثين عن مكانا آمن وكم ابتلع هذا البحر احلام الكثير من شبابنا مع الاسف .
شكرا لك استاذ مهيمن لانك وثقت هذه المرحله التي سيقرؤها اجيالنا القادمه الذين سيعيشون في بغداد عيشه رغيده وسيتسائلون لماذا ترك اهلنا جنة بغداد و لجؤا الى جحيم الغربه.


أضف تعليق