طائر السنونو .

طائر السنونو


جميل شاكر الخفاجي


عرف عن العراقيين حبهم ومحافظتهم على طائر السنونو ذو اللونين الاسود والابيض. هذا الطائر المعروف برشاقة جسمه ومهارته في الطيران يبني اعشاشه داخل البيوت العراقية القديمة ليضع بيضه ويرعى صغاره لحين اشتداد عودها وتصبح قابلة للطيران وعندها يغادر العراق لجهات اخرى قبل اشتداد حر الصيف. هذا الطائر يعتبر جالب للبركة ويصبح جزء من العائلة العراقية حتى انهم يغضبوا كثيرا لو تعرض هذا الجميل لاي اذى.
الخطوط الجوبة العراقية الرائدة في مجال الطيران العربي استخدمت شكل هذا الطائر رمزا لها لتصبح معروفة عالميا قبل حتى ولادة بعض الدول العربية.
الذي اثار ذاكرتي هو استخدامي للخطوط الجوية الامارتية بعد الحرمان من استخدام الخطوط العراقية للوصول الى الوطن من بلاد الغربة. بدء هذا الحرمان نتيجة سياسات النظام السابق واحتلاله للكويت في عام ١٩٩٠ وتبعها تهريب الطائرات او تركها في بلاد الجوار ليتم الاستيلاء عليها ولتوجه ضربة قاضية لهذه الخطوط العريقة.
قبل اقلاع الطائرة الاماراتية انظر لكل الاتجاهات لاشاهد عدم وجود مقعد فارغ في انحاء هذه الطائرة العملاقة التي تقلع وتحط بسلاسة مع تقديم خدمات ممتازة ومضيفين يتكلمون عدة لغات. وانا اجلس على الكرسي الوفير سارحا النظر للفضاء تعود بي الذاكرة لبداية سبعينات القرن الماضي عندما صعدت لاول مرة مع بعض الاصدقاء على متن احدى الطائرات العراقية للسفر من الموصل الحدباء الى بغداد الرشيد. انتقلنا من الجامعة الى المطار باستخدام باصات مصلحة نقل الركاب لرخصها ولتوفير المبلغ اللازم لشراء تذكرة الطائرة حيث كنا طلاب نعتاش على ما تقدمه العائلة اضافة لما تقدمه الدولة لنا. بعدها وبعد ان عملت في البصرة اصبح التنقل في هذه الخطوط معتادا الى ان ابتعثت للدراسة لبريطانيا عام ١٩٧٨ حيث صعدت الطائرة المتوجه من بغداد الى هيثرو . لدهشتي كانت احدى المضيفات التي استقبلتني زميلة لي درست اللغات في كلية اداب جامعة الموصل وكان مهندس الطيران زميل درس في كلية الهندسة وبعدها عرفت ان معظم الكادر هو من الطبقة المتعلمة التي تنجح في الاختبارات قبل الحصول على عمل في هذه الخطوط العريقة. ركاب الطائرة يتحلون بالادب ويرتدون ملابس انيقة تفوح منها عطور الريف دور المشهور في ذلك الوقت وتحس فيهم الوقار.
ماذا حصل؟ لماذا هذا الاهمال ولماذا مطار بغداد العريق ربما اسوء مطار في المنطقة ومع ذلك يخرج علينا احد المسوؤلين ليقول ان المرافق الصحية في مطار بغدا د هي الاحسن في العالم في نظره!
المرور بالاجواء العراقية هو الاقصر بين اوربا واسيا فلماذا لا نجعل مطاراتنا هي مركز العالم بدل ان نتبرع بها للمطارات الاخرى. اكثر من ٢٠ سنة عجاف ولم ينجح المسؤولين من اعادة مجد هذه الخطوط العريقة بعد ان تحولت هذه الموسسة الى بقرة حلوب للفساد واصبحت طاردة لكل ماهو حضاري.
متى يرجع طائر السنونو لمجده؟

أضف تعليق