هاربا .. من ظله .

هارباً من ضله

بعلي جمال

زنجيٌّ هاربٌ مِنْ ظِلِّهِ

هَزيزٌ في رَهْبَةِ الأصيلِ

يَنْدَسُ داخلَ رأسي

كَذُبابةٍ شَقِيَّةٍ

وَراءَ التَّرْباسِ، لا أَعْرِفُ كيفَ هو

شَكْلُ العالَمِ

هلِ الإنسانُ يُشْبِهُني؟

رُبَّما!

هل يُشْبِهُ ضِفْدَعَةً؟

رُبَّما!

كَثيرَةٌ هي الوُجوهُ المُحَنَّطَةُ

والأجْسادُ المُتَآكِلَةُ

بالِيَةٌ تِلْكَ الكَلِماتُ

وَسِفْرُ الأُفُقَيْنِ

تُذَكِّرُني تِلْكَ الأقْدامُ الحافِيَةُ

على مُنْحَدَرِ الصَّلْصالِ

بأغْاني المُشَرَّدينَ

وَبُيوتِ الطِّينِ

لِلْفُقَراءِ أحْلامُهُمُ المُؤَجَّلَةُ

وَصَدْمَةُ الانتِظارِ

أَلَمْ يَرْجِعْ مَنْ خَلْوَتِهِ؟

ما زِلْنا على بابِ السَّرْدابِ

نَنْتَظِرُ

تَصْحو المَواجِعُ تُدَثِّرُ أَماسِيَنا

وَيَعْجِزُنا الصَّبْرُ

مُثْخَنَ الأَنينِ

هُوَيْناكَ أَيُّها الأَسى

رِفْقاً، نَحْنُ المُهْمَلونَ

نَحْنُ السّائِرونَ يَتَعَقَّبُنا

غَبَشُ الهَرْوَلَةِ

وَبَعْضٌ مِن أَيّامِنا

النَّجِسَةِ

ما تِلْكَ العَباءاتُ على الجِدارِ؟

وَبُقْعَةٌ مِن سَوادٍ تَلْتَهِمُ

شُرُفاتِ البُيوتِ

وَزَنْجِيٌّ هارِبٌ مِن ظِلِّهِ

وَكِلابٌ

وَسِكِّيرونَ…

وَسِياسِيٌّ يَسْتَعيدُ مَشْيَتَهُ

أَلَمْ يَكُنْ بِالأَمْسِ القَرِيبِ

يُقَلِّدُ الأَميرَ؟!

قالَ الواعِظُ في التَّذْكِرَةِ:

«صَبْراً أَيُّها الفُقَراءُ»

فَنَمْضَغُ الصَّبْرَ

صَبْراً

نَهاجِرُ في احْتِضارِ بَجَعٍ

على تَرْنيمَةٍ لِمَساءِ النَّهاياتِ

نُهَدْهِدُ الجُرْحَ نَسْتَهْوِبُهُ

الأَلَمَ

عَبَثاً نُحاوِلُ

وَنُحاوِلُ

هل يُمْكِنُ تَغْييرُ

وَجْهِ النّافِذَةِ الكَئيبِ؟

نُحاوِلُ

نَضْمِدُ كَسْرَ العُشْبِ

على شُرْفَةِ الأَمَنِيّاتِ

وَنُحاوِلُ…

نَنْتَظِرُ أَنْ يَأْتِيَ الصَّباحُ

فَيَضْحَكَ مِن طِيبَتِنا

لَيْلٌ مُخادِعٌ

لِلْخُبْزِ حِكايَتُهُ

وَالشّارِعُ المَنْبوذُ

على خُطى التّائِهينَ

يَتَرَصَّدُنا شُرودُ الضَّوْءِ

وَبَشَرٌ يُلَوِّنونَ

وَدُمًا تُحَرِّكُها

أَصابِعُ على سِتارِ

ظِلٍّ…


أضف تعليق